شعرت وكأن جسدي يتشظى

يمثل سوري أمام المحكمة العليا في برلين بسبب ارتكابه جرائم حرب. من المفترض أنه قام بوصفه عضوا في مليشيا تابعة للأسد بإطلاق النار على مجموعة من الناس بينما كانوا مصطفين في طابور للحصول على مواد غذائية. والآن يدلي اثنان من الضحايا بشهادتهما

تقرير من أولف مورلنغ.

500 شخص على الاقل معظهم من الاطفال والنساء اصطفوا في طابور في يوم ال23 من آذار عام 2014 في مخيم اليرموك عندما كانت منظمة تابعة للأمم المتحدة توزع مواد غذائية. كان المخيم في العاصمة السورية دمشق محروساً من قبل مليشيات موالية للأسد. المتهم موفق د. عمره 55 عاما ينتمي لإحدى هذه المليشيات.

بحسب مكتب المدعي العام الاتحادي أطلق المتهم قذيفة مضادة للدبابات على الناس المحتشدة بدافع الانتقام. ابن شقيقته قُتل قبل أيام على يد الجيش السوري الحر المعارض للنظام.

قتل المدعى عليه ما لا يقل عن سبعة أشخاص وأصاب عدد كبيراً بجراح بعضهم أُصيب بجراح خطيرة. يُتهم الرجل ذو ال55 عاماً بسبع جرائم قتل بالإضافة لارتكاب جرائم حرب ضد مدنيين في نزاع مسلح غير دولي. المُدعى عليه صمت يوم الجمعة حيال التهم الموجهة إليه والتي يمكن أن تقوده إلى السجن المؤبد.  

المجاعة كانت غالباً قاتلة

في يوم الجريمة أسرع كثيرون في السابعة والنص صباحاً حتى يحصلوا على دور في توزيع المواد الغذائية من قبل منظمة الأونروا. قال يوسف أ. وهو شاهد عمره 57 عاماً أمام المحكمة العليا: “لم آكل لفترة طويلة قبل ذلك. كان وقتاً عصيباً لأنني لم أعد يافعاً.” انتزع عناصر المليشيات الموالية للأسد منه على أحد الحواجز نقوداً وولاعة سجائر. أرادوا أيضا سلب هاتفه من طراز نوكيا. لكن أحد الرجال قال لهم أن عليهم ترك الموبايل. بحسب بيانات الإدعاء العام كان قرابة 1500 شخص جائع ينتظرون توزيع مواد غذائية في ال23 من آذار 2014 في مخيم اللاجئين الفلسطينين المحاصر من قبل قوات الأمن السورية.

كان السكان متهمين بدعم الجيش السوري الحر المعارض. بعد حصوله على سلة مساعدات غذائية سمع صوت رشاش في الخلف. ركض إلى كومة من الرمل قبل أن تنفجر القذيفة التي جاءت من الخلف من مواقع الموالين للنظام.”

شعر كيف كان جسده يتشظى. شاهد جثثاً حوله، تم حمل المصابين بجراح خطيرة. عدة شظايا اخترقت الجزء العلوي من جسده ولا تزال موجودة حتى اليوم. “هناك ستة شظايا في الرئة حتى اليوم.” قال الشاهد الذي فرّ لاحقاً من المخيم: ” لكن زوجتي وأطفالي بقوا هناك.” يعيش الرجل ذو ال 57 عاماً اليوم في برلين.

المجازفة بالحياة من أجل سلة من المواد الغذائية

“كان يمكن أن أموت ولكنني كنت مجبرا ً على الحصول على سلة من المواد الغذائية”، يقول الشاهد الثاني الذي ظهر كمدع بالحق المدني في قضية جريمة الحرب في سوريا. هذا الشاهد الذي كان أيضا ضحية للقذيفة، حاول بعد الانتهاء من توزيع دفعة المساعدات في الحي المحاصر العودة إلى المنزل. “سمعت صفير القذيفة فوق رأسي قبل أن تنفجر. شيء ما ثقيل وحاد دخل في فخذي.” رجل شاب سحبه من المكان حيث تم ربط شريط كهربائي حول ساقه لوقف النزيف. يصف الرجل السوري في قاعة المحكمة بشكل مفصل ومؤثر وضع النساء والأطفال والقليل من الرجال ممن كانوا ينتظرون والذين سقط الكثير منهم أرضاً بعد انفجار القذيفة. طفل كان يعاني من بطن مفتوح.

لكن هذا الشاهد أيضاً قدم معلومات متناقضة حول إذا ما كان شاهد المتهم في يوم الجريمة. قال للشرطة أنه لم يلاحظ وجود موفق د. ولكن في مناسبات أخرى تحدث عن احتمال خمسين بالمئة بأنه شاهده في المكان. ولكن موفق د. كان موجوداً لأن آخرين قالوا أنه هو من أطلق القذيفة.

هل كانت اتهامات الإدعاء العام محدودة للغاية؟

محامي الإدعاء بالحق المدني والناشط الحقوقي باتريك كروكر انتقد الإدعاء العام فيما يخص التهم. فهو يرى أن تصنيف الاتهام المتعلق بالجريمة على أنه جريمة حرب في نزاع غير دولي صحيحاً، لكنه محدود للغاية. كان يمكن من وجهة نظر كروكر توسيع المنظور لصالح الضحايا. بالإضافة لجريمة إطلاق قذيفة في مخيم اليرموك للاجئين كان يمكن التطرق أيضاُ للجرائم ضد الإنسانية التي شكلت إطاراً للجريمة التي قام بها المتهم.

تعرض الناس للتجويع والاغتصاب والتعذيب بشكل منهجي، وهي أعمال “ارتكبتها ميليشيات موجهة من قبل الأسد بشكل مباشر”. في هذا الإطار تم إطلاق القذيفة. إن طرح هذا للمحاكمة أمر يستحق الثناء، لكن بهذه الطريقة لا يمكن تحقيق المزيد.

ربما كان لدى الغرفة الجنائية الثانية في المحكمة العليا انتقادات مماثلة للائحة الاتهام المطروحة من قبل مكتب المدعي العام الاتحادي. ينظر القضاة الخمسة في إجراء ثانٍ يسمى “إجراء القراءة الذاتية في المحاكمة” ، والذي يتضمن من بين أمور أخرى إمكانية صياغة الخلفيات الدولية و تأثير الجريمة المرتكبة من قبل المتهم أثناء صدور الحكم. وبناء عليه سيتم التعمق في التقرير الشفوي الذي أعده غيدو شتاينبيرغ ، وهو خبير في التاريخ والعلوم الإسلامية، حول النزاع السوري الدولي والحرب الأهلية الدائرة هناك، عبر تقرير مكتوب.   

تعذيب من قبل الدولة في سوريا: حكم قضائي نافذ في ألمانيا

في شهر نيسان من عام 2022 وفي أول قضية تتعلق بالتعذيب من قبل الدولة في سوريا تمت إدانة رجل بشكل فعلي بتقديم المساعدة لتنفيذ جرائم ضد الإنسانية بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف. كان المتهم يعمل لدى المخابرات السورية. بعد المظاهرات السلمية عام 2011 أطلقت المخابرات النار. المتهم قام بعدها بنقل متظاهرين إلى السجن حيث كان ينتظرهم التعذيب. في الحكم الابتدائي تم تقييم سلوك رئيس الدولة بشار الأسد على أنه هجوم منظم على شعبه.

من المقرر أن تمتد محاكمة موفق د. بسبب الهجوم القاتل على المدنيين في مخيم اليرموك حتى ال 23 من شباط عام 2023. من المقرر مثول العشرات من الشهود أمام المحكمة.

المصدر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: