فريق بايدن يعيد تقييم الاستراتيجية الأمريكية حيال سوريا ولكن لا إشارات عن المزيد من التدخل
تعيينات أساسية كتعيين بريت ماكغورك وكولين كال قد تحدد ملامح الاستراتيجية الأمريكية في سوريا.
الإشارات الأولى من إدارة بايدن توحي بأن النزاع في سوريا، والذي يقترب من ذكراه العاشرة، لن يكون أولوية للفريق الأمريكي الجديد. ولكن قد تحصل عملية إعادة تقييم لهذا فيما لو تجدد نشاط تنظيم داعش، أو مع نفاذ الوقت للوصول لحل دبلوماسي أو في حال تعرض وقف إطلاق النار الهش للخطر.
إدارة الرئيس جو بايدن هي الإدارة الأمريكية الرابعة التي عليها التعامل مع النزاع السوري والذي تسبب بمقتل 400 ألف شخص تقريبا وشرّد قرابة 10 ملايين.
خبراء و مسؤولون سابقون يتنبؤون باستمرار السياسة الامريكية على المدى القصير واحتمال تغيير هذه السياسة عندما يتم الانتهاء من عملية إعادة التقييم.
وليام روباك، نائب المدير التنفيذي لمعهد دول الخليج العربية والذي كان حتى العام الماضي مساعد المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، يتوقع أن تبقى السياسة الأمريكية في سوريا على حالها لعدة أشهر قادمة. “على المدى الأقصر أتوقع الاستمرارية”، يقول السيد روباك ل ذا إنترناشونال. “سيبقى الوضع الراهن على ماهو عليه غالبا، لكن هنالك قدرا واضحا من عدم اليقين حول اتجاه الأمور في سوريا في ظل إدارة بايدن على المدى الأبعد.”
من المرجح أن إدارة بايدن ستُبقي على حضور أمريكي صغير في سوريا لمكافحة الإرهاب، بينما تستمر في تطبيق العقوبات المفروضة على نظام الأسد من قبل الإدارة الأمريكية السابقة والكونغرس. “حضورنا العسكري في سوريا مناسب حاليا للعمل الذي نقوم به.” يقول السيد روباك.
الولايات المتحدة الأمريكية تنشر حاليا 500 جندي في الجزء الشمالي الشرقي من سوريا. ولكن مجالا واحدا يرى السيد روباك أنه قد يتغير قريبا وهو تمويل الاستقرار في سوريا. إدارة ترامب جمدت أكثر من 230 مليون دولار كانت مخصصة لاستقرار البلد في عام 2018، من المرجح أن تقوم إدارة بايدن بإزالة هذا التجميد.
أسئلة أخرى من قبيل رفع بعض العقوبات و مستقبل الوجود الأمريكي في البلد عليها أن تنتظر عملية إعادة التقييم من قبل الإدارة وما سماه السيد روباك “ترتيبا بيروقراطيا” للفريق الجديد.
فريق جديد
مسؤولون رفيعو المستوى عملوا سابقا على الملف السوري انضموا للإدارة في الشهر الماضي. بريت ماكغورك، المبعوث الأسبق للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، هو الآن منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مصادر أمريكية أخبرت ذا ناشيونال أن زهرة بيل، دبلوماسية متمرسة في وزارة الخارجية عملت في فريق الاستجابة للمساعدة في عملية الانتقال في سوريا ،يتوقع أن تصبح مديرة لشؤون سوريا في مجلس الأمن القومي. السيد ماكغورك معروف بأنه يعطي الأولوية لمكافحة تنظيم داعش. استقال من إدارة ترامب بعد قرار الرئيس بالانسحاب من سوريا من دون أن يستشير القيادة العسكرية. دعم أيضا بنية قيادية انتقالية في الشمال الشرقي وتقوية قوات سوريا الديمقراطية مما وضعه في الماضي على مسار تصادمي مع تركيا.
إدارات سابقة عينت مبعوثا خاصا لسوريا في السنوات الثمانية الماضية. مصادر أخبرت ذا إنترناشيونال أن السفيرة السابقة باربارا ليف، التي انضمت مؤخرا لفريق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، هي مرشح قوي لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
ستيفن هايدمان، مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة سميث وزميل غير مقيم في معهد بروكينغز، قال أن الفريق الجديد يبدو حتى الآن وكأنه عودة إلى عهد سياسة أوباما بخصوص سوريا. قال هايدمان: “رؤية كولين كال (المرشح لمساعد وزير الدفاع للسياسة في البنتاغون) وبريت ماكغورك يلعبون أدوارا مهمة تعزز المخاوف من أننا سننتهي بإعادة لحقبة أوباما.”
ولكنه قال أيضا أن هنالك آراء متباينة داخل الإدارة حول التعامل مع سوريا. قال السيد هايدمان: “لدينا شخصيات بارزة كتوني بلينكين، وزير الخارجية، الذي أقر بفشل سياسة أوباما حول سوريا والجنرال أوستن، وزير الدفاع، الذي لا تزال وجهات نظره حول سوريا مجهولة بشكل كبير.”
في عام 2019 دعا السيد بلينكين عبر معهد بروكينغز إلى الدبلوماسية التي تكملها قوة ردع. كتب بلينكن: ” لقد حرصنا، وكنا محقين في ذلك، على تجنب عراق آخر وذلك عبر فعل القليل، ولكننا ارتكبنا الخطأ المعاكس عبر فعل القليل جدا.” قال السيد هايدمان إن منصب المبعوث الخاص لسوريا، في حال تم ملؤه، سيكشف لنا الكثير عن نوايا إدارة بايدن. قد يكون هذا إشارة لمشاركة دبلوماسية أكثر حزما وهو أمر مرحب به.” التقدم السياسي في سوريا كان ضئيلا منذ أن تبنى مجلس الأمن القرار 2254 في شهر كانون الأول عام 2015 واضعا المسار السياسي لتسوية في سوريا.
قال السيد هايدمان: “دفعت الولايات المتحدة باتجاه تطبيق القرار 2254 لكنها لم تذهب أبعد من ذلك بكثير في تحديد ماهية التقدم أو النتيجة التي ترغب بها. هذا الافتقار للوضوح قد يؤدي إلى جر واشنطن لوضع تجد فيه نفسها في موقف رد فعل في حال انهار وقف إطلاق النار أو في حال نشوب أزمة أخرى في سوريا.”
ساعة دبلوماسية موقوتة
إيما بيلز، زميلة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، عبرت عن قلقها فيما لو استمر التقاعس الدبلوماسي الأمريكي حول سوريا فقد يعني هذا انتكاسات كبيرة في المجال الإنساني. قالت بيلز وهي محررة في موقع سيريا كونتيكست ل ذا ناشونال: ” الوضع لا يسمح بانتظار طفرة في الدبلوماسية الأمريكية حيال سوريا. فمع اقتراب الموعد النهائي لتمديد قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بنقل المساعدات عبر الحدود في شهر حزيران القادم، يبدو أن تثبيت كل من ليندا توماس-غرينفيلد في منصب سفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة والسفيرة الأمريكية السابقة سامانثا باور في منصب رئيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لن يكون قريبا بما فيه الكفاية. ستكون هناك حاجة لثقل دبلوماسي للتفاوض مع روسيا حول تمديد القرار.”
كما قالت أن الوضع الإنساني المتدهور في جميع أنحاء سوريا والقضايا التي تبدو عصية على الحل فيما يتعلق بتسليم المساعدات ستتطلب اهتماما أمريكيا مباشرا والعمل مع الحلفاء. أضافت السيدة بيلز: ” يجب أن يكون تأمين وقف إطلاق نار طويل الأمد على عدة جبهات أولوية. وكذلك معالجة الفوضى المتزايدة في لبنان والمنطقة عموما، بشكل خاص التأثيرات الاقتصادية لأزمة كوفيد-19 فالبلدان المستضيفة للاجئين تواجه ضغوطا محلية لإعادة اللاجئين.”
سياسيا يستعد النظام السوري بدعم روسي لانتخابات أخرى هذا العام قد تضمن بقاء بشار الأسد في السلطة لسبع سنوات أخرى. تحكم عائلة الأسد منذ عام 1971.
قالت السيدة بيلز: “على الولايات المتحدة أن تعمل عاجلا مع الحلفاء الذين يشاطرونها التفكير نفسه لضمان منع حكومتي سوريا وروسيا من تحقيق تقدم عبر خطاب التطبيع الذي تنتهجانه في الطريق إلى انتخابات الرئاسة هذا العام.”
الانتخابات ستكون خرقا لخارطة الطريق السياسية المتدرجة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254.
دعا السفير الأمريكي الأسبق في سوريا روبرت فورد مؤخرًا الولايات المتحدة إلى “إبرام صفقة” مع روسيا بشأن سوريا ، والتي من شأنها أن تؤدي إلى انسحاب الولايات المتحدة من البلاد.
حاولت الإدارات السابقة أن تفعل الشيء نفسه لكنها واجهت مشاكل عندما يتعلق الأمر بقدرة موسكو على الوفاء بوعودها في سوريا.
قالت السيدة بيلز: “في حين أن العمل مع روسيا أو مع الأسد من خلال العملية السياسية يعتبر من العناصر الأسياسية للتفاوض على أي حل للصراع، إلا أنهم ليسوا شركاء ولا يمكن الوثوق بهم لفرض أو الحفاظ على الأمن بما يتماشى مع المصالح الأمريكية. كما أن رغبة روسيا أو قدرتها على توسيع نفوذها السياسي للتأثير على سلوك دمشق مبالغ فيها. على سبيل المثال ، فشلت روسيا في دفع وفد نظام الأسد إلى اللجنة الدستورية لمناقشة المبادئ الدستورية الأسبوع الماضي، على الرغم من موافقتهم على ذلك العام الماضي، حتى بعد أن أرسلت روسيا وضامنون آخرون في مفاوضات أستانا وفودا إلى جنيف خلال الاجتماع لمحاولة تقريب وجهات النظر. كما استخدمت روسيا حق النقض مرارا وتكرارا ضد قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بتقديم مساعدات عبر الحدود إلى سوريا. لكن من غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن تضع سوريا على رأس أولوياتها للتفاوض مع الحلفاء والخصوم. لم يُذكر النزاع السوري في تصريحات أطلقتها إدارة بايدن بخصوص دول مشاركة في النزاع بما في ذلك روسيا.
مكالمة السيد بايدن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تتضمن نقاشا حول سوريا ، وكذلك مكالمة السيد بلينكن مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. و أيضا المكالمة الهاتفية التي جرت هذا الأسبوع بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان والمتحدث باسم وكبير مستشاري الرئيس التركي إبراهيم كالين، لم تشر إلى النزاع.
اترك تعليقًا