بعد كارثة ميناء بيروت أصبح حزب الله موضع شك في كونه مشاركا في تخزين نترات الأمونيوم الخطرة. الآن تتوفر معلومات حصرية لمجلة دي فيلت من مصادر مخابرات غربية. وفقا لهذه المعلومات اشترت المليشيا كميات كبيرة من المواد المتفجرة الخطرة.
بعد الانفجار الهائل في بيروت في الأسبوع قبل الماضي كانت هناك إشارات عديدة أن المليشيا الشيعية اللبنانية استعملت مرارا موادا كيميائية تسببت أيضا بالانفجار في العاصمة اللبنانية. إنها نترات الأمونيوم، وهي مادة ملحية تستخدم كمتفجرات ويمكن استخدامها في تصنيع السماد.
زعيم حزب الله، حسن نصر الله، جادل بقوة في أن يكون لجماعته أي دور في مخزون المواد الكيمائية التي تسببت بالانفجار. ولكن وفقا لمعلومات مخابرات غربية, أتيح لمجلة دي فيلت الاضطلاع عليها، حصل حزب الله على كميات كبيرة من نترات الامونيوم، التي ترتبط ضمن إطار زمني بالمواد التي انفجرت في بيروت.
وفقا للمعلومات المتوفرة وقع الانفجار يوم الرابع من شهر آب عندما نشب حريق في كمية من 2750 طنا من نترات الأمونيوم مخزنة بين نهاية عام 2013 وحتى بداية عام 2014 في مستودع في ميناء بيروت. من قام بتخزينها ومن كان مسؤولا عن المستودع، كل هذا مازال موضع تحقيق.
ولكن وفقا لمعلومات المخابرات, التي وصلت إلى مجلة دي فيلت، استلم حزب الله في هذه الفترة الزمنية كميات كبيرة من نترات الأمونيوم. كان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مسؤولا عن عمليات التسليم، وهو الجزء من الحرس الثوري المسؤول عن العمليات الخارجية والذي يلعب أيضا دورا سياسيا محوريا في إيران.
في شهر كانون الثاني عام 2020 قتل القائد السابق لفيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، من قبل طائرة امريكية مسيرة عن بعد. تم تسليم دفعات نترات الأمونيوم الى حزب الله تحت قيادته.
في أول دفعة تم في ال 16 من شهر تموز عام 2013 نقل ما مجموعه 270 طن من نترات الأمونيوم من إيران إلى لبنان. الكلفة قدرت تقريبا ب 179.399 يورو. في ال 23 من شهر تشرين الأول من نفس العام تم نقل نفس الكمية، 270 طن، هذه المرة قدرت الكلفة ب 140.693 يورو. فيما يتعلق بالدفعة الثالثة كانت الكمية غير معروفة تماما، ولكن أمكن تخمينها بناء على كلفتها.
حتى 670 من نترات الأمونيوم
كلفت دفعة الرابع من نيسان عام 2014 أكثر من مليار ريال إيراني، أي ما يعادل 61.438 يورو. وبالمقارنة مع تكاليف الدفعات السابقة، يمكن تخمين كمية الدفعة الثالثة بين 90 الى 130 طن. وبالمجمل بلغت الدفعات الثلاثة معا مابين 630 إلى 670 طن من نترات الأمونيوم.
شحنة تشرين الأول عام 2013 تم نقلها بحاويات صغيرة بالطائرة، غالبا عبر شركة إيرانية خاصة, تعمل كواجهة للحرس الثوري. إحدى هذه الشركات هي ماهان إير التي تم سحب ترخيص الهبوط والإقلاع منها في ألمانيا بسبب المؤشرات الضمنية على عملها لصالح الحرس الثوري.
الشحنات الأخرى تم تسليمها عبر البحر أو البر، أي عبر الحدود السورية. حزب الله هو حليف رئيسي للرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد المعارضة في بلده. شحنات الأسلحة الإيرانية لحزب الله تمر غالبا عبر سوريا، أو يتم تسليمها لوحدات من مليشيا حزب الله في سوريا.
تمكنت مجلة دي فيلت من الاضطلاع على فواتير للشحنات، ولكن لا يمكن التحقق من المعلومات الواردة فيها بشكل تام. ولكن الفواتير تبدو منطقية فيما يتعلق بطبيعة العلاقات اللوجستية بين حزب الله والحرس الثوري. فطرق النقل والتسليم بين الجماعتين معروفة منذ وقت طويل وجزء منها موثق.
من المعروف ايضا ان حزب الله مدعوم ماديا وبالسلاح بشكل مكثف من قبل الحرس الثوري. عندما قتل جنرال الحرس الثوري سليماني في كانون الثاني الماضي، نعاه حزب الله علنا كرمز له وكحليف أساسي. ولكن أشخاصا ممن ساهموا مباشرة بتسليم دفعات نترات الامونيوم موثقون جيدا.
فمن الجانب الإيراني تم تنسيق إرسال الدفعات من قبل قسم الخدمات اللوجستية في فيلق القدس والذي يترأسه “سيد مجتبى موسافي تابار”. لكن اسم تابار لا يظهر في الوثائق ذات الصلة، وهو أمر اعتيادي بالنسبة لضباط الحرس الثوري، الذي يعملون تحت ظروف تماثل عمل أجهزة المخابرات.
اثنان من المشاركين في تسليم الدفعات توجد أسماؤهما على قائمة العقوبات الأمريكية. “بهنام شهرياري”، نائب تابار، مشمول منذ العام 2011 بالعقوبات الأمريكية، لأنه يدعم حزب الله المصنف في الولايات المتحدة الامريكية والكثير من الدول الأوربية كمنظمة إرهابية. ظهر كمدير لشركة الشحن الإيرانية “كيش”, التي قامت أيضا بتسليم دفعات نترات الأمونيوم لحزب الله.
رجل، يعتقد أنه يلعب دورا محوريا في العلاقة الثلاثية بين إيران، سوريا وحزب الله، كان مسؤولا عن تسلم الشحنات من طرف حزب الله. إنه محمد قصير، عمره 57 عاما, اسمه على لوائح العقوبات الأمريكية منذ عام 2018 بتهمة تمويل حزب الله. اللبناني متهم أيضا بكونه عنصر اتصال هام بين جماعته من جهة و بين إيران وسوريا من جهة أخرى. صور وكالة الأنباء الإيرانية تسنيم تُظهره في الخلفية خلال محادثات بين الرئيسين الإيراني حسن روحاني والسوري الأسد وجنرال الحرس الثوري سليماني.

قصير كان مسؤولا منذ عشرين عاما عن الأمور اللوجستية لحزب الله وكان أيضا مسؤولا عن دفع قيمة شحنات نترات الأمونيوم. ولكنه يرتبط بطريقة أخرى بالمتفجرات.
قصير هو شقيق أحمد قصير, منفذ أول عملية انتحارية قام بها حزب الله في شهر تشرين الثاني عام 1982. أثناء الحرب الأهلية اللبنانية قاد شاحنة اقتحمت مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في صور وقتل بذلك 75 جنديا إسرائيليا، 14 من الأسرى العرب ونفسه. المتفجرات المستخدمة في هذا الهجوم كانت نترات الأمونيوم.
فلو صحت معلومات مجلة دي فيلت حول الشحنات، فقد قام قصير بنفسه بشراء وتوزيع المتفجرات, التي قتلت شقيقه. من المؤكد أيضا أن حزب الله استعمل نترات الأمونيوم بشكل متكرر. في وثائق منسق المخابرات الوطنية الأمريكية تظهر أربع حوادث قام فيها حزب الله باستخدام نترات الأمونيوم. قامت الجماعة بإنشاء مخازن لهذه المادة في ألمانيا، بريطانيا، الكويت وقبرص ودول أخرى.
من غير المعروف إذا ما كانت الشحنات الواردة في الوثائق التي اضطلعت عليها مجلة دي فيلت مرتبطة بشكل مباشر بانفجار بيروت. نترات الأمونيوم التي انفجرت في في الرابع من آب تم تفريغها نهاية عام 2013 من سفينة شحن ترفع علم مولدافيا، وذلك بعد أن اضطرت بسبب عطل تقني في طريقها من جورجيا إلى موزمبيق إلى التوقف في بيروت. من غير المعروف حتى الآن لم تم تخزين المواد الكيميائية في الميناء ولم يتم نقلها بعيدا أو إتلافها.
مسار الأحداث لا يشير إلى حزب الله كمستلم لهذه المواد. ولكن المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن حزب الله كان يخزن في ذلك الوقت كميات كبيرة من نترات الأمونيوم. قد يكون هذا سبب خلف إصرار الجماعة على تخزين المادة في ميناء بيروت, حتى لو لم تقم هي بنفسها بطلبها.
مواد متفجرة لقنابل بدائية؟
خبير أمني غربي, سألته مجلة دي فيلت حول المعلومات، قال أنه يعتقد أنها منطقية، لأن تتوافق مع حقيقة استخدام حزب الله لنترات الأمونيوم. ولكن من غير الواضح، لماذ يقوم الحرس الثوري الإيراني بتسليم حزب الله بسرية كبيرة كهذه موادا يمكنه شرائها بشكل حر. يمكن تفسير هذا أن الأمر يتعلق بكمية كبيرة جدا يمكن لشرائها أن يثير الشبهة.
الخبير يرى سببين خلف قيام الجماعة بتخزين المواد المتفجرة. أحدهما الحرب في سوريا. في الفترة الزمنية 2013/2014 كان حزب الله متورطا بشكل كبير في المعارك. كان وضع القوات الحكومية السورية التي قاتل لجانبها حرجا بشكل خاص. كان هذا هو الوقت الذي استعمل فيه الأسد وحلفاؤه قنابل بدائية ضد تقدم المتمردين. لهذا فكروا باستعمال نترات الأمونيوم.
من الممكن أيضا: في ذلك الوقت كان حزب الله يُنشئ لنفسه تحصينات على الحدود الإسرائيلية ويقوم بإنشاء أنفاق باتجاه إسرائيل. يمكن أن يكونوا قد فكروا باستعمال نترات الأمونيوم ضد إسرائيل ضمن هذه الأنفاق.
اترك تعليقًا