غضب إيطاليا على ألمانيا, يتركوننا ننزف حتى الموت

الكثير من الألمان يحبون إيطاليا, الكثير من الإيطاليين معجبون بألمانيا, عادة. أثناء أزمة الكورونا تشعر إيطاليا أن ألمانيا تركتها وحيدة. اليمينيون المتطرفون كماتيو سالفيني يستغلون هذا بسرور.

بقي سالفيني في الأشهر الماضية صامتا بشكل مريب فيما يتعلق بألمانيا. فالنزاع حول السياسة الأوربية حول اللاجئين لم يعد ينفع كثيرا و لم يعد مجديا, ركز بدلا عن ذلك على مسائل سياسية داخلية.

و لكن هذا انتهى الآن. سالفيني على وشك إعادة اكتشاف غريمه المفضل: الألمان و سلوكهم الاستعماري الاستعلائي المفترض تجاه إيطاليا. كلما غرّد وزير الداخلية الأسبق أو ظهر ببث مباشر أو نشر عبر الفيسبوك فإنه يوجه سهما إلى برلين. “منذ عشرين عاما و هم يملؤون رؤوسنا بشعارات أوربية”, قال زعيم حزب الليغا. و لكن عندما تحتاج إيطاليا لمساعدة, تأتي فقط من فنزويلا أو ألبانيا. “من ألمانيا لا نحصل على شيء, عدا عن إصبعين تغطيان العيون”

نبرة سالفيني تبدو أقسى من معظم الإيطاليين. و لكن نقده يتوافق مع مزاج عام منتشر بشكل واسع في البلد. أكثر من 70 بالمئة من المواطنين قالوا في استطلاع للآراء أنهم يشعرون بخيبة أمل من المساعدة المقدمة من اوربا حتى الآن. قبل كل شيء يشعرون بأن ألمانيا تركتهم لوحدهم.

بدأ اليأس يتراكم منذ أسابيع

لائحة الاتهامات طويلة. بدأ اليأس يتراكم منذ أسابيع. عندما بدأ رئيس الوزراء جوزيبه كونتي و مواطنوه بالكفاح لوحدهم ضد فيروس الكورونا, تلقوا من جيرانهم في الشمال صمتا مطبقا. و بينما أرسل الروس و الصينيون و الكوبيون معدات إغاثة, منعت الحكومة الألمانية في البداية تصدير الكمامات و بدلات الحماية, قبل أن تبدأ أخيرا بتقديم المساعدة. تابع الإيطاليون بصدمة و غيظ كيف وفرت حكومة برلين المليارات لدعم مواطنيها, بينما أعاقت خطة “كورونا بوندز” الأوربية للتقليل من حجم خسائر إيطاليا.

و هكذا يستمر الجدل بغضب. يعاملوننا كأننا مصابون بالطاعون, تكتب جريدة إل غيورنالي, ألمانيا على وشك خنق إيطاليا.

حتى على صفحة الفيسبوك الخاصة بالسفارة الألمانية في روما, في الواقع ليست منصة لنشر الكراهية, تمطر التعليقات الغاضبة هناك. على سبيل المثال: تحت مقابلة مع الوزراء هايكو ماس و أولاف شولتس: “ألمانيا أرادت دائما السيطرة على إيطاليتنا”, يكتب أحد المستخدمين. “يتركوننا ننزف حتى الموت”, يكتب آخر. و يرى ثالث: “الضمانة الوحيدة التي يمكن أن نعطيها للألمان هي أن يعلن الشعب الايطالي الحرب على ألمانيا, نحن جاهزون.”

و حتى نفهم خيبة أمل الكثير من الإيطاليين و غضب بعضهم, لنلقي نظرة إلى الماضي, عندما كانت كلمة كورونا كلمة غريبة. في شهر أيلول الماضي, خرج حزب الليغا اليميني من الحكومة, الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير زار نظيره الايطالي سيرجيو ماتاريلا في روما. احتفل رئيسا البلدين بارتياح ببداية جديدة في العلاقات الايطالية الالمانية, بعد الانتهاء من حقبة سالفيني وزير الداخلية الاسبق. حينها قال ماتاريلا أن حجم التجارة الألمانية مع إقليم لومباردي لوحده أكبر من حجمها مع اليابان.

في اليوم التالي سافر شتاينماير إلى نابولي حيث التقى في معهد غوته بعمال إيطاليين. رجال مسنون قرروا العودة إلى موطنهم بعد سنين قضوها في ألمانيا. تحدثوا بانبهار تام عن الوقت الذي قضوه في المعامل الألمانية شبان إيطاليون حضروا إلى اللقاء في معهد غوته و تحدثوا مع شتاينماير عن حلمهم بالهجرة إلى ألمانيا.

تحاول ألمانيا مهاجمة اقتصادنا

التوقعات من ألمانيا كبيرة و عليه فإن خيبة الأمل أيضا كبيرة. من كان يحمل نوايا طيبة من الألمان يقوم هذه الأيام بمشاركة فيديو لمواطنين من مدينة بامبيرغ الألمانية و هم يغنون أغنية بيلا تشاو الإيطالية. أو ينشرون رسالة مصورة لعمدة كونستانتس الألمانية و هو يوجه رسالة للمدينة الإيطالية التوأم لودي, التي اجتاحها فيروس كورنا بقسوة.

و لكن ماذا يفيد هذا عندما تقدم المستشارة أنجيلا ميركل بالكاد مساعدة و لا تبدي أي مشاعر تعاطف, كما يعتقد الكثير من الإيطاليين. تقول جيورجيا ميلوني, رئيسة حزب “إخوة إيطاليا” اليميني, “تحاول ألمانيا استغلال حالة الطوارئ بسبب كورونا لتهاجم اقتصادنا.”

نبكي معكم

ما هو عمق الجروح, هذا ما تظهره مبادرة صحيفة البيلد الألمانية “نحن نبكي موتاكم معكم”, التي أرادت إظهار تعاطف مع الإيطالين و الإيطاليين الألمان. و لكن التغني بالأطعمة الإيطالية ك تيراميسو و شراب الكامباري و الطريقة الإيطالية في الحياة “دولتشي فيتا” لم يُستقبل لدى الكثير من الإيطاليين بنية حسنة. انتقدت صحيفة “ال كورييري ديلا سيرا” فكرة القيم المشتركة المبتذلة و مساعدة ألمانيا للاقتصاد الإيطالي و كأن لا أحد يعمل في إيطاليا.

في المقال “المنافق” تم الحديث للأسف فقط عن “ستتجاوزن هذا, أنتم أقوياء”, تكتب مراسلة صحيفة “كورييري” في ألمانيا. و لكن لا ذكر لأي إشارة حول التضامن. أو حول ضرورة أن يقوم الأخ الأغنى بمساعدة الأضعف.

المصدر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: