نجح فريق من علماء جامعة شيكاغو الامريكية بالتعاون مع فريق دولي من العلماء في اكتشاف الناقلية الفائقة للتيار الكهربائي عند اعلى درجات حرارة مسجلة حتى الان. الناقلية الفائقة للتيار الكهربائي تعني امكانية نقل الكهرباء بدون مقاومة كهربائية.
باستخدام تكنولوجيا متطورة في مختبر مركز أرغون الوطني التابع لجامعة شيكاغو تمكن الفريق من دراسة مجموعة من المواد اكتشفوا فيها خواص ناقلية فائقة في درجة حرارة تبلغ ناقص 23 درجة مئوية او 250 كيلفن و هي قفزة نوعية تقدر ب 50 درجة مئوية مقارنة مع افضل النتائج التي تم الحصول عليها حتى الان. و لكن الناقلية الفائقة تظهر هنا فقط تحت ضغط هائل.
النتائج تمثل خطوة كبيرة باتجاه الوصول للناقلية الفائقة في درجات الحرارة العادية حيث ان هدف العلماء الاكبر هو الوصول لاستخدام هذه الظاهرة في التكنولوجيات المتقدمة. تم نشر النتائج في مجلة نيتشر في ال23 من شهر ايار. فيتالي براكابينكا وهو بروفسور باحث في جامعة شيكاغو و ايران غرينبيرغ وهو باحث مساعد في نفس الجامعة هما من المشاركين في البحث.
كما ينقل سلك نحاسي التيار الكهربائي بشكل افضل من المطاط مثلا فان موادا معينة يمكن ان تصبح ذات ناقلية فائقة. هذه حالة محددة بخاصيتين أساسيتين: المادة لا تبدي مقاومة كهربائية تجاه التيار الكهربائي و لا يمكن للحقل المغناطيسي ان يخترقها. الاستخدامات الممكنة لهذه الحالة عظيمة بقدر ما هي مثيرة: اسلاك كهربائية بدون ضياعات في التيارات الكهربائية, اجهزة كمبيوتر سريعة جدا و قطارات عملية تسير بالطاقة المغناطيسية.
و لكن العلماء تمكنوا حتى الآن من خلق مواد ذات ناقلية فائقة عندما يتم تبريدها بشكل كبير جدا يصل لدرجة حرارة 240 تحت الصفر, و مؤخرا تمكنوا من رفع درجة الحرارة الى ناقص 73 درجة مئوية. بما ان التبريد لدرجات حرارة كهذه مكلف فقد حدّ هذا من وجود تطبيقات لهذه الظاهرة في العالم.
تنبؤات نظرية حديثة أظهرت أن النوع الجديد من الهيدرات ذات الناقلية الفائقة يمكن أن تمهد الطريق لناقلية فائقة في درجات حرارة أعلى. باحثون في معهد ماكس بلانك للكيمياء في المانيا عملوا مع باحثي جامعة شيكاغو لخلق مادة من هذا النوع تسمى لانتانوم سوبر هايدريدز و قاموا باختبار ناقليتها الفائقة و دراسة بنيتها و مكوناتها.
السلبية الوحيدة كانت انه يجب ان يتم وضع المادة تحت ضغط هائل جدا بين 150 حتى 170 غيغا باسكال و هو ضغط اعلى ب مليون و نصف مرة من الضغط عند مستوى سطح البحر. فقط عندما يتم وضع العينة,وهي شريحة عرضها بضعة ميكروميترات, تحت هذا الضغط الهائل تظهر خصائص الناقلية الفائقة في درجة الحرارة القياسية الجديدة.
في الواقع اظهرت المادة ثلاثة خصائص من أربعة تميز الناقلية الفائقة:
– أظهرت انعداما في الناقلية الكهربائية
– تناقصت درجة الحرارة الحرجة بتأثير حقل مغناطيسي خارجي.
– و اظهرت تغيرا في درجة الحرارة عندما يتم استبدال بعض العناصر بنظائرها.
ولكن الخاصية الرابعة و التي تدعى خاصية مايسنر و تتمثل في عدم تأثير أي حقل مغناطيسي في المادة لم يتم اثباتها في العينة. قال الباحثون ان السبب يعود لكون العينة صغيرة للغاية و لا يمكن ملاحطة هذه الظاهرة فيها.
استخدم الباحثون مشع الفوتونات المتطور في مختبر ارغون الوطني و الذي يؤمن أشعة اكس بطاقة عالية. مكنت هذه الاشعة الباحثين في تحقيق اختراقات في كل المجالات بدء من اختراع بطاريات افضل و فهم افضل لطبقات الارض الداخلية وصولا الى تحليل المواد. في هذه التجربة قام باحثون من مركز الاشعاع المتقدم في جامعة شيكاغو بتثبيت العينة الرقيقة بين قطعتي ألماس صغيرتين جدا للوصول الى الضغط المطلوب و استعملوا شعاع اكس لاختبار بنيتها و مكوناتها.
و لأن الحرارة المستخدمة لإنجاز هذه التجربة تعتبر ضمن المدى الطبيعي لعدة أماكن في العالم فإن هذا يجعل الهدف الأكبر ألا وهو الوصول لدرجة حرارة الغرفة او لدرجة الصفر مئوية قابلا للتحقيق.
يستمر الفريق بالعمل معا للعثور على مواد جديدة تظهر فيها الناقلية الفائقة تحت ظروف أكثر واقعية.
هدفنا التالي هو تخفيض الضغط اللازم لتحفيز العينات و ذلك حتى نقرب درجة الحرارة الحرجة اقرب الى درجة حرارة البيئة المحيطة. و ربما ايضا خلق عينات يمكن تحفيزها تحت ضغط عال و لكن تبقى ناقلة بشكل فائق تحت ضغط طبيعي, يقول براكابينكا. نحن نتابع بحثنا عن مركبات جديدة يمكن أن تحقق لنا اكتشافات جديدة و غير متوقعة.
ترجمة فريق INT
اترك تعليقًا