السلاح السري لـ بوتين في سوريا, كيف استطاع كسب المعركة من خلال مسلمين الشيشان السُّنة
حتى وقت قريب، كانت القوات الروسية النظامية في سوريا تقتصر إلى حد كبير على كونها طاقم دعم للطائرات التي تقوم بضربات في جميع أنحاء البلاد. وبصرف النظر عن عدد قليل من الاستثنائات مثل انتشار المدفعية والقوات الخاصة في محافظة حماة والمستشارين العسكريين جنبا إلى جنب مع القوات السورية في اللاذقية كانت لعبة موسكو على الأرض في سوريا بحدها الأدنى.
لكن الانتشار المستمر للكتائب الشيشانية والإنغوشية يمثل تحولا استراتيجيا للكرملين، إذ أن روسيا لديها الآن عناصر من قوات النخبة ينحدرون من سكانها المسلمين السنة، موزعين في جميع أنحاء سوريا. ويتيح هذا الوجود المتزايد للكرملين أن يكون له دور أكبر في تسيير الأحداث على أرض الواقع. ويمكن لهذه القوى أن تكون حيوية في الحد من أي إجراء يتخذه نظام الأسد من شأنه أن يقوض مصالح موسكو الأوسع في الشرق الأوسط، حيث يقدم طريقة فعالة للغاية للكرملين لعرض القوة و بتكلفة سياسية مخفضة لا يزال الدور والحجم الدقيق للكتائب الجديدة للكرملين غير مؤكد.
وذكرت التقارير الاولية المفتوحة المصدر على الارض ان عدد الشيشان الذي نشر فى كانون الأول الماضى يقدر بحوالى ٥٠٠. ويقال إن عدد الإنغوش أصغر قليلا، في حوالي ٣٠٠ . وعلى الرغم من تعيينهم على أنهم ” شرطة عسكرية ” يقال إن الوحدات جٌلبت من تشكيلات سبيتناز وهي النخبة داخل القوات المسلحة الشيشانية ويجري توظيفها في دور أبعد بكثير من مجرد واجب الحراسة مثل : تدبير نقاط التفتيش، وتوزيع المساعدات، وحراسة القواعد، وحتى تنسيق الدفاع عن معاقل مؤيدة للحكومة مع قوات النظام. أصبحت هذه الكتائب، في دورها المدني و العسكري المختلط، قادرة على مجموعة واسعة من العمليات. فقد ظهر مقاتلون شيشان جنبا إلى جنب مع “المتطوعين الروس” المؤيدين للانفصاليين في شرق أوكرانيا، كما دخلت عدة كتائب من الجنود الشيشان جورجيا خلال حربها القصيرة مع روسيا في آب ٢٠٠٨، واحتلت مدينة غوري. بعض القوات الشيشانية المنتشرة في سوريا لديها خبرة قتالية في شرق أوكرانيا، حيث أفادت صحيفة نوفايا غازيتا الروسية أن أحد القادة الشيشان هو أبتي بولوتخانوف الذي قضى وقتا طويلا في القتال جنبا إلى جنب مع القوات الموالية لروسيا في دونباس.
يقول غريغوري شفيدوف، محرر موقع Caucasian Knot وخبير في شمال القوقاز، إن الازدراء الشعبي تجاه المنطقة هو عامل رئيسي لنشر هؤلاء الأفراد. وقال شفيدوف: ” بشكل ساخر” أنه سيكون من الأسهل بكثير بالنسبة لبوتين إذا قتل الشيشان أو غيرهم من القوقاز في سوريا … من أن يقتل أولئك الذين ينتمون إلى مناطق أخرى من روسيا ” توظيف هؤلاء المقاتلين يقدم لموسكو ميزة رئيسية أخرى. سكان شمال القوقاز هم تقريبا من المسلمين السنة ، الإيمان الذي يتقاسمونه مع غالبية سكان سوريا.
منذ وصول الوحدات الأولى في ديسمبر ٢٠١٥ سعت موسكو إلى استخدام دينهم المشترك والمظهر لصالحها. وقد تم توثيق استخدام وحدات شمال القوقاز كتيبات تتضمن اقتراحات مفيدة للتعامل مع السكان المحليين، مثل استخدام كلمة “المخابرات” (الشرطة السرية السورية) أي يعني الاحتجاز وغيره من العواقب السيئة . على مستوى اكثر وضوحا، قيل للشرطة العسكرية الشيشانية ان تستخدم كلمات اسلامية مشتركة لبناء علاقات اكثر صداقة مع الجمهور، معتمدين على مختلف التعابير الدينية لتحية السكان المحليين عند القيام بدوريات. وكان تحويل جندي روسي إلى الإسلام السني، الذي أجراه مفتي الشيشان الكبير أمام المتفرجين السوريين في حلب، مناورة أخرى للعلاقات العامة تستخدم الإيمان المشترك بين السوريين والجنود.
في حين أن نشر الكتائب القوقازية يمثل مرحلة جديدة من تدخل روسيا في سوريا، فإن استخدام موسكو للمناطق ذات الأغلبية المسلمة للوصول إلى الشرق الأوسط ليس جديدا. وكثيرا ما عمل الزعيم الشيشانى رمضان قديروف كمحاور بين موسكو والدول العربية السنية ويقوم بزيارات رسمية نيابة عن بوتين واجتذاب مستثمرين خليجيين الى العاصمة الشيشانية. وكان قديروف قد حاول جعل العاصمة الشيشانية جروزنى كمركز للمناقشات السنية الدولية على مستوى الدولة واستضاف العديد من المنتديات الدولية حيث كانت الشخصيات الشيشانية هى الممثل الوحيد لمسلمي روسيا البالغ عددهم ٢٠ مليونا. والهدف من هذه المؤتمرات عموما هو تشويه سمعة الإسلام السلفي، وهو التيارالمتشدد الذي يتبعه معظم الجهاديين.
FP
اترك تعليقًا